الاثنين، 13 أكتوبر 2008

المجاز العقلي

أنواع المجاز
للمجاز نوعان كما ذكرنا سابق: 1- المجاز العقلي 2- المجاز اللغوي
1- المجاز العقلي(الإسنادي)
تعريفه هو :( إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له ) مثل إسناد البناء إلى الأمير في قولك: بنى الأمير المدينة والبناء في الحقيقة للعمال فهذا مثال على إسناد الفعل أما ما في معنى الفعل فهو اسم الفاعل مثل نهاره صائم وليله قائم واسم المفعول مثل محمد مأمون جانبه.
ولو عدنا إلى الأمثلة السابقة لوجدنا في المثال الأول: بنى الأمير المدينة, أن الفعل ( بنى) استعمل في مع معناه اللغوي الحقيقي , وهو رصف اللبن و تجصيصه وعمل لوازم البناء المعروفة , وكذلك كلمة (الأمير) فالمقصود الأمير الحقيقي , لذا فالكلمات هنا كلها مستعملة في معناها الحقيقي بخلاف المجاز اللغوي ، لهذا لم يسم هذا النوع مجازاً لغوياً ، وإنما سمي إسنادياً عقلياً لأن المجاز حصل بإسناد الفعل إلى الأمير، ولو أسند إلى العمال لكان حقيقية .
وإنما يلجأ إلى هذا الأسلوب دون الحقيقية بأن يقال : بنى العمال المدينة، لبيان أن الأمر لايقوم دونه، فالمدينة لم تبن ولم يكن ليكون لها ذلك دون إذن الأمير أو أمره ، ولهذا لا يصلح هذا الأسلوب في كل أمر، مثل : طبخ الأمير الأكل ، لأن هذا الأمر ليس بذي بال حتى يهتم به الأمير أو يأمر به .
أما ما كان في معنى الفعل من اسم الفاعل أو اسم المفعول فكما في قولهم: نهاره صائم، وليله قائم ، حيث أسند الصيام إلى النهار والقيام إلى الليل وهما زمان للصيام والقيام، وإنما الفاعل الحقيقي هو من يصوم ويقوم فيهما، وإنما أسند القيام والصيام إلى الزمن إشعاراً بأن الزمن ذاته قام وصام فكيف بصاحبه، وهذا لا يقال إلا إذا استغرق القائم والصائم معظم الليل والنهار، حتى كأن الزمن شارك صاحبه في العمل.
علاقات المجاز العقلي
قال تعالى : ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم) ففي نسبة الفعل يذبح إلى فرعون مجاز عقلي لأن الذي مارس التذبيح في الحقيقة هم جنوده وعلاقة التذبيح بفرعون أنه هو الآمر به فهو سببه فبذلك نعلم أن العلاقة هي السبيبة ولكن نتساءل لماذا ترك التعبير بالحقيقة بأن يقال: يذبح جنود فرعون أبناءهم إلى المجاز؟ جواباً على ذلك نقول : لما كان فرعون هو السبب وهو الذي لولا أمره ما حصل شيء من التذبيح فما الجنود إلا آله فالمجرم الحقيقي هو فرعون وإن لم يمارس ذلك في الواقع لهذا جاء الأسلوب القرآني ناسباً التذبيح إليه إظهاراً لشنعة فعله وقبح جريمته وكأنك وأنت تقرأ هذه الآية تتشخص أمام عينيك صور الأطفال وفرعون بينهم يُعْمِل في رقابهم سكينه ودماؤهم تسيل وأشلاؤهم تتناثر لأنه ليس بذبح لكنه تذبيح .
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }الأنعام6
معلوم ان الذي يجري في الحقيقة هو الماء، والنهر هو مكان جري الماء وهو لا يبرح مكانه، لكن هنا أسند الجريان إلى النهر لا إلى الماء لأن الأنهار هي مكان الجريان فالعلاقة هنا المكانية، وإنما أسند الجري إلى الأنهار التي هي المكان للإشعار بامتلاء تلك الأنهار بالمياه ( لأنه لا يعبر بالمحل إلا إذا كان الحال قد ملأ المحل )، وقد يكون في ذلك إشعار بسرعة جري الماء حتى يتخيل الرائي أن المكان هو الذي يجري .
ومن الشواهد أيضا: قوله تعالى ( إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً)، وقوله تعالى ( وفجرنا الأرض عيونا )، وقوله تعالى ( بل مكر الليل والنهار ).